منوعات

كيف قاد الأدب العلم نحو المستقبل والتطور العلمى.. كتاب يجيب



العديد من الأعمال الأدبية تنبأت بالمستقبل، وتخطت حدود تكوين الوعى بإعادة البناء الذاتى والفكري، وتوقع التحولات والتغيرات، مما أدى فى النهاية إلى محاولات للتنبؤ بمستقبل تلك الاختراعات، وكيف سيكون تأثيرها العلمى والاجتماعى والسياسى على المدى الطويل والقصير.


وبحسب كتاب “مهندسو الخيال” تأليف ياسر أبو الحسب، ظهرت هذه المحاولات فى شكل أدبى أُطلق عليه لاحقًا “الخيال العلمى”، وصل لدرجة كبيرة من النضج مع كتابات الفرنسى جول فيرن والإنجليزى هربرت جورج ويلز، مع أنه من المجحف ألا نعتبر أن هناك من كتب فى الخيال العلمى قبلهم، فالبعض يُرجع الخيال العلمى لعصور أقدم بقرون من مؤلفات ويلز، منها مثلًا بعض قصص ألف ليلة وليلة، خصوصًا قصة الفرس الميكانيكى الطائر الذى لا يعتمد فى عمله على ظواهر خارقة مثل العفاريت والأرواح والسحر فى الطيران، وهو مزوَّد بأزرار ولوالب للهبوط والصعود، ويطير بأن يمتلئ جوفه بالهواء. وهناك أوصاف علمية أخرى تصلح لأن تضع القصة فى خانة قصص الخيال العلمي.


تطور الخيال العلمى بعد ويلز، وتعددت موضوعاته، وأصبح له فى الغرب عددٌ لا بأس به من الكتَّاب، وانتشرت تلك القصص بفضل المجلات المتخصصة بنشر تلك الأنواع من القصص بأسعار رخيصة، حتى صارت رواياته تتصدر فى أيامنا هذه قوائمَ المبيعات، وتجنى أفلامه أعلى الإيرادات.


بل وحاول كُتَّاب الخيال العلمى مناقشة آثار فلسفية وسياسية قد تنجم — مستقبلًا — عن ذلك التطور التكنولوجى المنتظر، كما فعل جورج أرويل فى روايته الشهيرة “١٩٨٤”، وألدوس هكسلى فى “عالم جديد رائع” وكما فى تلك الروايات التى تتناول الذكاء الاصطناعى المستقبلي، وتتناول كذلك تعريفات الذكاء والوعى والذات وحرية الإرادة، وغيرها من المفاهيم التى يتقاطع فيها الخيال العلمى مع الفلسفة، وقِس على ذلك المئاتِ من القصص التى لم تكتفِ بالتنبؤ العلمي، بل توسعت دائرتها لتشمل آثار ذلك العلم المستقبلي.


نعم، عانى الخيال العلمى فى بعض محطاته من انحسارات؛ خصوصًا فى ستينيَّات القرن الماضي، وبالتحديد فى الولايات المتحدة الأمريكية، وإنِّى لأرى أن ذلك الانحسار إنما كان دليلا على أن ما كتب فى الخيال العلمى قبل ذلك قد حقق من أهدافه أكثرَ مما توقع كتابه، فقد تحققت نبوءات الخيال العلمى — كما يقول إسحاق أسيموف — لدرجة أن الناس لم يعد يبهرهم شيء، فتقنيات الخيال العلمى بدَت أمامهم ماثلة، يتعاملون معها يوميًّا، بل وصارت تُمثل جزءًا أساسيًّا من حياتهم، إلى أن تعافى مجددًا فى نهاية الستينيَّات بفضل كشوف علم النفس، والإنجازات المعلوماتية الكبيرة، فانطلقَت العقول مجددًا، غير هيَّابة، تخترق صحارى الخيال المجهولة.



اليوم السابع – مصدر الخبر

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى